لقد فوجئ كثير من قراء منبر الرسالة بالقصف العشوائي الذي صدر من الداعية (المدرب) الفاضل د. عوض القرني تجاه كل من يلمس حمى البرمجة اللغوية العصبية وراح يتطاول عليهم وكأنهم نقضوا ركناً من أركان الإسلام فقال عنهم:
(ولئن كان بعض الناس يشككون في هذا العلم فإنما أتوا من جهلهم بالشرع أو جهلهم بالبرمجة اللغوية العصبية أو جهلهم بالأمرين معاً أو لأغراض في نفوسهم. وفي كل مجتمع أناس عقولهم منغلقة وتفكيرهم سطحي يقفون ضد كل جديد لأنه جديد فقط ويرفعون لافتة الغيرة على الدين والشريعة وهم في الحقيقة إنما يدافعون عن أهوائهم وينفسون عن نظراتهم السوداوية لكل شيء، لا يوجد على كلامهم أثارة من علم وليس لديهم ذرة من إنصاف، يجهّلون كل من سواهم ويتهمون نيات من لا ينظر بمنظارهم الأسود، أصحاب عبارات متأججة بالحماس الانفعالي وكلمات متدثرة بالتعميم الخاطئ، لا منهج علمي صريح ولا حجاج عقلي صحيح، كالخشب المسندة التي نخرها السوس حين تراها تظنها صحيحة سليمة فإذا وضعت يدك عليها تهاوت فارغة من كل حقيقة، عارية من كل حق والعياذ بالله).
وهذا الكلام يعد في غاية الخطورة ففيه اتهام للنيات ومحاكمة للسرائر على غرار محاكم التفتيش التي حذر الدكتور من الوقوع فيها.
بعد ذلك تطاولت يا دكتور عوض على الداعية الفاضلة فوز كردي، وبطريقة مستهجنة عند أهل الفضل والعلم والأدب -الذين يعرفون قدرها وجهودها الدعوية في الساحة كما يعرفون قدرك وجهودك- وبقالب من السخرية لا ينبغي أن يصدر من داعية مثلك! والله سبحانه وتعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم}.
أما حديثك عن كتابات الداعية فوز كردي بأسلوب محاكم التفتيش فلا ينبغي أن يصدر منك مثل هذا الكلام، بل كنا نفترض فيك التثبت والمناصحة بالحسنى لا سيما أن رصيدك الدعوي يحمل من التجربة والخبرة الشيء الكثير، وتعلم أن المسلم قليل بنفسه كثير بإخوانه فأين أخوة الدين؟! وأين أخوة الإيمان؟! والله سبحانه وتعالى يقول: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم}.
أما الشق الثاني من المقال: فأوجهه إلى الدكتور عوض بصفته مدرباً معتمداً في البرمجة اللغوية العصبية، وأقول له: إنك تعد أحد منتقدي البرمجة دون أن تدري؛ لأنك في مقاليك السابقين قد كسرت أبسط قواعد البرمجة اللغوية العصبية (مع إنك مدرب ولست ممارساً)، ولا أدري كسرك لهذه القواعد يعد ثورة منك على البرمجة أو حركة تصحيحية لهذه الفلسفة، على أية حال إليك أبرز تلك القواعد التي قمت بإسقاطها بالضربة القاضية الفنية:
١-احترام وتقبل الآخرين كما هم.
٢-وراء كل سلوك توجد نية إيجابية.
٣- الشخص الأكثر مرونة يمكنه التحكم في الأمور.
٤-معنى الاتصال هو النتيجة التي تحصل عليها.
٥-الخارطة ليست المنطقة.
كذلك قمت بكسر استراتيجية التوافق وبناء الألفة وهي من صميم فلسفة البرمجة، وبعد كل ما سبق يتضح لمحبي البرمجة أن المدافعين عنها هم أنفسهم الذين يكتبون شهادة وفاتها.
كذلك فإني أستغرب سكوتك عما في البرمجة من مخالفات عقدية وشرعية وقولك عنها إنها من العلوم المحايدة ، فهل عبادة العقل الباطن وهو أحد ركائز البرمجة تعد من الأمور المحايدة؟ وهل المشي على الجمر الذي بات ينتشر في دورات البرمجة يعد من الأمور المحايدة أم من الطقوس الوثنية التي لا يجوز للمسلم أن يتعلمها وينشرها بين المسلمين؟
أخي الكريم يقول الإمام مالك -رحمه الله-: (كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر) وأشار إلى قبر رسول الله ﷺ.
لكن ينبغي أن ننطلق في ردودنا من قوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.
وفي نهاية هذه السطور أذكر نفسي وأذكرك وكل مسلم ومسلمة بقوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم}. إنها أخوة الإيمان التي نسأل الله أن يحيينا عليها ويميتنا عليها.
وختاماً إليك هذه الوصية من مشكاة النبوة: لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب.
د. خــالــد الــغـيـث – عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
*تم نشر المقال بصحيفة المدينة، ملحق الرسالة، الجمعة 3/6/1424هـ