تعرف على نفسك من كتاب الله…وتعلم كيف ترتقي بها

المشاهدات : 2,422

روي الأحنف بن قيس كان جالسًا يومًا متفكرًا قوله تعالى: (لـقد أنزلنـا إليكـم كتاباً فيـه ذكركـم) فقال: عليَّ بالمصحف لألتمس ذكري؟

فمر بقوله تعالى يصف أناساً: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ () وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ () وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:١٧-١٩] فلم يجد نفسه معهم، فتابع يلتمس ذكره وتلا قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}.

ومضى يفتش في: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وبين من ذكرهم القرآن: {وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلْإِثْمِ وَٱلْفَوَٰحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ}، فدمعت عينه وقال: اللهم لست أعرف نفسي في هؤلاء.

ثم أخذ يقرأ فمر بقوم وصفوا بـ {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}، وقوم يقال لهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ () قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ () وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ}، فقال: اللهم إني أبرأ إليك من هؤلاء.

ولما تلا قوله تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ فقال: أنا من هؤلاء، هذا ذكري.

وكان له -يرحمه الله- ماله من الإحسان والعمل الصالح وحسن الخلق ولكنهم أناس أخذوا منهج تزكية النفس من كتاب الله وعلموا أنه خطاب الله إليهم فأقبلوا عليه متدربرين مستهدين، وهكذا من يعش مع القرآن، ويعلم أن القرآن خطاب الله إليه ورحمته به.

فلنعرض أنفسنا على القرآن ونلتمس فيه ذكرنا… ولننظر إلى أصناف الناس… متذكرين أن الدار دار عمل… فلشمر ونجتهد لنرتقي في الدرجات فهما قصرنا وفرطنا فالحمد لله أننا ما نزال أحياء ويد الله مبسوطتان ليتوب المسيء ويقبل المعرض…

لنقرأ ونتدبر ونعمل لنكون من الذين إذا ذكر المخلصون كنا منهم،  وإذا ذكر الصائمون كنا منهم، وكذا مع المتصدقين ومع القائمين، وفي ركب الدعاة والمصلحين ، ومع البارين الودودين ، وفي حلق العلم ومجالس الخير من الحاضرين… لنا من كل معروف نصيب وفي خير سهم… يظلل أعمالنا قلب خاشع داع مخبت،  ونفس لوامه ، وهمة عالية،  ورجاء عظيم…

كتبته: د. فوز كردي

الأرشيف

حقائق حول التسويق الهرمي وحكمه
حقيقة تأثير الألوان في النفس
القائمة