رقم : ط / ١٣٠
تاريخ : ١٠ / ٣ / ١٤٤٤ هـ
• نص السؤال:
السلام عليكم …من فضلكم لدي استفسار بخصوص العلاج بالطاقة ، ما معيار أنه عليه دليل علمي أو ليس عليه دليل علمي ، وقد وجدت العديد من الأبحاث تذكر وجود تأثير … هل هناك جهة ما تعتمد الأشياء التي عليها دليل ؟ نحن نعرف أن الادلة تختلف في قوتها وأعلاها هو metanalysis … ولكن هل كل ما لم يرق لمستوى metanalysis ويتم استخدامه يعتبر شركا لأنه ليس من الأسباب الكونية ولا الأسباب الشرعية ؟ بعض الأدوية والعلاجات النفسية مثلا يكون الدليل عليها ضعيفا ، ومع ذلك نلجأ إليها أحيانا لوجود بعض الأدلة الضعيفة عليها …هل يعتبر هذا شركا ؟؟
• الإجابة :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يمكن الإجابة عن السؤال السابق من عدة وجوه:
الأول: ثبوت السببية الكونية يعتمد -في كثير من الأحيان- على غلبة الظن، والمنهج التجريبي الحديث قد قدم أساليب بحثية دقيقة جدًا توصل لهذه النتيجة.
ومن الضوابط المعتبرة في “التجربة العلمية”:
1/ الضبط controlled ( ويقصد منه استبعاد المتغيرات ).
2/ العشوائية randomized ( ويقصد منه استبعاد التحيزات )
فإن وجدت نماذج متكررة من هذه الدراسات كانت كافية لإثبات السببية.
ولا شك أن ضبطها بالتحليل التلوي أو meta analysis مهم عند طرح مجال سببي مستحدث – كالعلاج بالطاقة – بخلاف الأسباب التي قد ثبت تأثير جنسها.
ثانيًا: لا أتفق مع السائل فيما ذكره من وجود دراسات علمية تثبت تأثير “الطاقة”، ولا يعدو ما يُذكر في هذا المجال عن إحدى حالتين:
1/ أن لا تكون الدراسة منضبطة ولا عشوائية، ولا تنطبق عليها شروط المنهج العلمي – خاصة التحكيم وقابلية التكرار، وربما كانت دراسات مكذوبة مختلقة في بعض الأحيان.
2/ أن تكون دراسة علمية غير دقيقة النتائج.
بمعنى: تجرى الدراسة – مثلاً – على مجموعة من المرضى قد تم استخدام أحد أساليب العلاج بالطاقة عليهم، فيظهر للباحث تناقص في أعراضهم المرضية.
لكن – وهذا مهم جدًا – لا تحدد الدراسة ما هو العامل المؤثر في تلك النتيجة، هل هو الاسترخاء المصاحب للوسيلة؟ هل هو القناعة لدى المرضى أو البلاسيبو ؟ هل هو عوامل أخرى مشتركة وليست خاصة بهذه الوسيلة ؟
ولأن كثير من الغربيين نفعيين لا تهمهم سوى النتائج، لا يمانعون من وصف هذه الخرافات للمرضى لأجل تحصيل النتيجة دون اعتبار للمؤثر الحقيقي.
ثالثًا: إذا سلمنا -جدلاً- بوجود دراسات تثبت نوع تأثير لبعض تطبيقات العلاج بالطاقة، فلا توجد دراسة واحدة تثبت وجود “الطاقة الكونية” نفسها.
ولذلك ذكرت أن الدراسات المذكورة لا تثبت تأثير “الطاقة” وإنما تشير إلا تأثر بعض الناس بتطبيقاتها، وفرق كبير بين الأمرين.
رابعًا: هناك نوعان من الأسباب الكونية ( خاصة في مجال التداوي والعلاج ):
1/ أسباب قد ثبت تأثير جنسها، كالمطعومات والمحقونات ونحوها. فآلية تأثيرها ثابتة ومعلومة بالجملة، ومن ثم لا يمكن الحكم على أفراد هذا النوع بأنها “شرك”.
مثل لو قيل: العشبة “س” تخفف الصداع أو المغص. فهذا لا يُقال إنه إن لم يجتز الاختبارات المخبرية يكون شركًا، وإن كان قد يكون تخرصًا وتطببًا، وقد قال ﷺ: [ من تطبَّبَ ولم يُعلمْ منهُ طبٌّ فهوَ ضامِنٌ ] حسّنه ابن حجر.
2/ أسباب لم يثبت تأثير جنسها.
ومن ذلك جلب المنفعة بالمجاورة والتعليق، كالتمائم والخيوط والأحجار ونحوها.
ومنه ما لم يثبت له وجود وحقيقة أصلاً، كالطاقة الكونية وهالاتها ومسارتها.
فهذه كلها من الأسباب الشركية، لا يجوز اتخاذها أسبابًا للشفاء ولا غيره.
ولذلك فهناك فرق ظاهر بين أدوية وعقاقير قد أجريت عليها الدراسات ولكنها أضعف نتائجًا من غيرها، وبين خرافات ودعاوى فلسفية لا أصل لها من الصحة.
هذا والله أعلم.
_
المجيب : د. هيفاء بنت ناصر الرشيد
دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
الوسم المرجعي : #ممارسات_الطاقة_والطب_البديل
قناة اسأل البيضاء:
https://t.me/ask_albaydha