حقيقة المشي على الجمر

المشاهدات : 786

من الأمور المحزنة أن يتحول المسلم إلى مجرد مستقبل أو معبر أو وكيل محلي معتمد، لما يأتيه من أصحاب الجحيم في الشرق والغرب، على شكل طوفان من ألوان الغزو الفكري العقدي ، الذي يستتر تحت مسميات شتى، مثل: البرمجة اللغوية العصبية التي ترفع شعار (حتمية النجاح)، أو (قانون الجذب) الذي يزعم مروجوه أن الإنسان إذا عرف هذا القانون فإنه –والعياذ بالله– يستطيع أن يتحكم بالقدر، أو (العلاج بالطاقة) التي في حقيقتها ما هي إلا إحياء للديانات الشرقية الوثنية القديمة ولكن بثوب عصري جديد وتحت مسميات براقة تواكب الموضة مثل: الريكي والمايكروبيوتك وأخواتها .

ومهما يكن من أمر فإن الحديث في هذا المقام سوق ينصب على قضية أصبحت مؤخراً فتنة لبعض الناس ألا وهي قضية: المشي على الجمر، التي غدت عنصر إثارة وتشويق في بعض الدورات التي تقام بين الفينة والأخرى، ويعلم الله سبحانه وتعالى أنه لو تحدث المدربون الذين يروجون لقضية المشي على الجمر في دوراتهم بصدق وأمانة عن حقيقة هذه القضية لما تحدثت عنها ، لكنهم راحوا يوهمون الناس أن ثقة الإنسان بنفسه، وترديده لبعض العبارات الإيجابية مثل: (الجمر بارد ، الجمر بارد)! هي مفتاح المشي على الجمر.

لكن الحقيقة تختلف عن ذلك تماماً، فالمشي على الجمر في الأصل يعد أحد الطقوس الدينية الوثنية؛ لذا فما هو المبرر الذي يجعل المسلم ينقل هذه الطقوس الوثنية إلى ديار الإسلام؟

على أية حال فإن تكتيك المشي على الجمر يقوم على النقاط التالية :

أولاً: التشويش على الدماغ بحيث يكون استقباله لإشارات الألم المنبعثة من القدمين استقبالاً بطيئاً.

ثانياً: المشي بخطوات سريعة؛ لأن الإخلال بهذا الشرط سوف يفسد العملية ويجعل رائحة الشواء تنبعث من القدمين.

ثالثاً: استغلال القوانين الفيزيائية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في المادة ، فمثلاً: يعد الجمر موصلاً بطيئاً للحرارة، فإذا أضفنا إليه طبقة الرماد المتكونة عليه، وأضفنا كذلك سماكة جلد باطن القدمين، وما فيهما من رطوبة فإن هذه الأمور مجتمعة تعمل على إبطاء وصول حرارة الجمر إلى القدمين، وهو ما أكده الدكتور (ديفيد ويللي) أستاذ الفيزياء بإحدى الجامعات الأمريكية.

لكن مدربي المشي على الجمر لا يخبرون الناس عن حقيقة الأمر، والسبب في ذلك كما يقول د. ويللي: (معلمو المشي على الجمر يريدون منك أن تصدق أن ثمة شيئاً خاصاً يجب أن تتعلمه، بينما الحقيقة هي أن أي فرد يستطيع أن يسير على الجمر بعد توجيه لا يستغرق دقائق، لكن إذا قالوا لك ذلك فلن يكسبوا مالاً ). [جريدة البيان الإماراتية].

وختاماً:

فإني أذكر نفسي، والقراء الكرام، وخاصة من دخل منهم في سلك التدريب أن يتقوا الله سبحانه وتعالى في أمة محمد ﷺ، لأننا محاسبون عن كل كلمة نتفوه بها، قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).

كذلك أدعوهم إلى التفقه بالدين، والعودة إلى اكتشاف أركان الإيمان من جديد؛ فإن ذلك هو الحصن الحصين الذي يقيهم بإذن الله من الغزو الفكري العقدي، هذا والله تعالى أعلم وصلّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا.

الكاتب: د. خالد الغيث

الأرشيف

“حلمنتيشيات”
تساؤلات حول فوائد ومحاذير البرمجة اللغوية العصبية
القائمة