مقدمة حول العقائد الشعبية

المشاهدات : 873
أيها الزائر العزيز:

-لعلك مفلس مثلي تريد أن تزيد دخلك، وتصير أغنى من “بيل جيتس” إمبراطور مايكروسوفت؟! إذن: هات (عِرْسة) ميتة، وأدفنها تحت عتبة بابكم، وستجد المال يهطل عليك كالمطر في قلب أوربا.

-هل تريد أن يظل جيبك عامراً بالمال، “متروسا”.

– هل تريد أن يكثر زبائنك، ويتهافتوا على محلاّتك كما يتهافتون على “فيلم عربي تافه”؟  علّق على واجهة محلاّتك سنبلة قمح، وسعفة مفتولة، وتمساحاً صغيراً.. وافتح بعد ذلك أبواب خزائنك؛ لأنك ستنشغل بعدها بعدّ الرُّزَم .. (ألوف تتابع ألوف)!

– هل تخاف الحسد، والعين الشريرة التي تنفس عليك ما أنت فيه من نعمة؟ وهل صادفت زميلاً عيّاناً (عينه حارّة) تخاف على نفسك من شره؟ ارْقِ نفسك ببخور جاوي، وجلد ضبّ، وشبّة وفاسوخة.. وأبقى قابلني.

– هل أنت فقير ضعيف، بلا واسطة من الهوامير والجراجير، ولك حاجة عاجلة يقف في سبيل تحقيقها كون حضرتك نكرة، لا يؤبه لك؟ علّق على صدرك سنّ ذئب ذكر، أو خرزةً زرقاء سرها باتع، وستزول من طريقك كل العقبات ، وتختفي كل المشكلات، ويستقبلك المسؤول مرحّباً بك ، منحنياً لـ (يحبّ خشمك) ويتقي شرك.

– هل تريد ألاّ تنظر زوجتك لغيرك، وأن تراك سيد الرجال وفحل الفحول؟ اعمل لها تحويطة، أو عملاً تذيبه في فنجان شايها، فإذا شربته هامت بك حبّاً، وأحاطت صورتك البهية بها حيثما التفتت: في مرآتها ، وخزانة ثيابها، وفي باب الغرفة، وجدار الصالة، وطبق المكبوس.

– هل تريد أن تعرف ما يخبئه لك الله (تعالى) من المستقبل القريب أو البعيد ؟ إذهب إلى (بصّاره) من ضاربات الودع، ودعها تتحايل على أقدار الله (تعالى) علها تجد ثغرة تكتشف منها ما أراد الله ستره.. أو اتصل بأم سوسو قارئة الفنجان، لتفتح الكوتشينة، فأم سوسو تعلم ما كان وما سيكون إلى قيام الساعة.

– هل تريد أن تزيل زميلك الذي ينافسك في العمل ، لأنه نظيف ومستقيم وحمار شغل؟ بسهولة شديدة يمكنك أن (تشكّه عملاً) يجعل كل ما يفعله خطأ في خطأ، ويجعل رؤساءك يفضّلون العمى على رؤيته، ويحولونه إلى الأرشيف، أو يجعلونه عامــــــلاً للنظافة.

– هل تريد أن تطرد الجنيّ الذي ركب أكتاف سيادتك وهزّ رجليه؟ هات أمعاء نملة ذكر، وننّ عين دودة من دود الطين، وجلد إبط سلحفاة، وجراماً واحداً من الشطة الأرناؤوطي، وجرامين من زيت حجر الجرانيت ، واخلط هذا كلّه ، واشربه هنيئاً بعد حفلة زار، ولا تنس أن تقدم للأسياد ديكاً يتيماً، وأوزة وحيدة الجناح، ولتراً من دم أسدٍ حديث الذبح، وستجد الأثر فورياً، إن شاء الـ ….

– هل يموت أبناؤك المحاريس ، وتريدهم أن يعيشوا ، ويصيروا ما شاء الله مثل البغال؟ اصبغ وجه صغيرك بالمغرة والزفت ، ودُقَّ على يمين جبهته عصفوراً ، واكوِهِ في سرته ، وعلق جرساً في رقبته ، وسمّه باسم أنثى .. وسيعيش في المشمس بإذن الله.

– هل قيل لك إن إبليس غضوب رجيم، وإن الله رحمن رحيم؛ لذا فإن علينا أن نعـــبد إبليــس، ونتوسل إليه، ونقدم له القرابين، ونشغله بالحفـــلات الصاخبة حتى يكف أذاه عنّا؟.. لقد جرّب هذا كيثرون في الشرق والغرب، وأطلقت عليهم الصحافة (الظالمة) عبدة الشيطان. رغم كونهم مستنيرين تقدميين (ولاد ذوات)؟!

– هل تريد أن توصل توسلاتك لأبعد مدىً مستطاع ؟ اكتب رسالة لسيدك الإمام الشافعي ، وضع معها ساعة ذهبية ، أو إسورة ثمينة ، أو مائتي دولار ، ودع الباقي لـ …

– هل تريد أن تعرف حظك بعد أن تقوم من النوم، وتطمئن إذا ما كان النهار أبيض أو مطيناً بزفت؟ سارع بفتح الجريدة التقدمية المستنيرة، لتجد تنبؤات شحطوط الأهطل التي لا تخيب، فهو يجلس طول الليل ليتنبأ بما سيحصل لجنابك طول النهار.. ولك الخسارة.. أقصد البشارة.

– هل تعرف أن الإسلام الآن صار موضة قديمة، لأن الأوربيين -السبّاقين دائماً- اخترعوا حتى الآن خمسة وعشرين ألف ديانة جديدة ( 1997 ) تدعو إلى عبادة النسانيـــــــــــس وأبو بريص، وإبيس والعجل أبليس، وبقرة المهاتما، وصنم بوذا، وشجرة الأرز، وكل ما لا يخطر لسيادتك على بال؟ وهل تعرف أن هناك دعوات لحضرتك لتنتقي من هذه الأديان ماتعيش به أضلّ من أعمى في الصحراء، وأخس من ضب في جحره؟

– وهل تعلم أن من هذه الأديان ما يدعو لأكل لحوم البشر، على أساس أنها ذات طعـــــــم بديع، وفوائد صحية سخية، إضافة لكونها خالية من الكوليسترول، والدهون، والدودة الشريطية، وميكروب الإسهال؟
– وهل تعرف أنك تستخدم من الرموز الوثنية في حياتك اليومية الشيء الكثير دون أن تتفطّن، ما بين صليب، أو نجمة خماسية، أو سداسية، أو ين يانج، أو شــــــــمعدان يهودي، أو سمكة، أو تعليقة باليد؟
– هل تعرف لغة جسمك أم إنك جاهل مثل بعض البشر؟
إذاً فاعلم أنه إذا رفّتْ عينك ( اللهم اجعله خيرًا ) فستحلّ بك بلية، وإذا نزلت على رأس سعادتك فضلات عصفور فإنك ستكسى ثوباً جديداً، وإذا شَرِقت بريقك فإن أحداً يذكرك، وإذا حكتك راحة يداً فأبشر بالفلوس القادمة .. أليس هذا بديعاً؟
– هل تفهم في الأبراج ياسيدي؟ وهل تعرف حجم الخطر الذي يتهددك إذا اقترن الجدي بالميزان أو التيس بالحمار، أو الدلو بالسرطان، أو العقرب بالحوت؟‍!
ستقوم كوارث وحروب ، وتموت نفوسٌ وقلوب ( وتجوب بحاراً وبحاراً ، وتفيض دموعك أنهاراً ، وسيصغر عقلك حتى تصبح صرصاراً) وللخروج من هذا المأزق اتصل بالعالمة الفلكية أم عصام، أو حميد الأزري البريطاني الذي يجلس كالديك الرومي “المزغّط
” لا يستطيع أن يخرج كلماته من فمه، وهو يوهمك أنه يعلم ما كان وما سيكون، وأنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وأن (دَجَلَه) مبني على نظريات علمية ، إذ يقيس المسافات بين مارس إله الحرب، والزهرة المعبودة العربية المتألقة، يقيسها بالديسيشبر والملّيزفت، ليخبرك عن حظك الذي لن ينتهي على خير إذا صدقته.
– هل تعرف أنك تستخدم كلماتٍ وثنية معرقة في الهبل والخيابة، استوردها متفرنجو أمتنا من ثقافة الطليان والإجريج والهنادوة والمجوس، تستخدمها في التأريخ العربي والحداثة ” العربية”، وأننا جلبنا لأمتنا السعيدة أفكاراً من التاريخ اليهودي والنصراني واليوناني والهندي ، ولم نترك إلا التاريخ الإسلامي الذي صار غريباً غربة الأيتام على موائد المناكيد اللئام؟
– وهل تعرف أن ألوفاً من الأكاديميين والأطباء والمهندسين ، وعلية القوم المتميزين من الفنانين (دستور) باتوا من مدمني الذهاب لقارئي البخت ، وفاتحي الكوتشينة ، وضاربي الودع ، ويعلقون على أيديهم ( حظاظات ) تجلب لهم الحظ ( الأسود ) كما يعلقون على سياراتهم فردة جزمة أو سبحة أو عيناً لدفع الشر وجلب الفأل؟
– هل تعرف أن هناك جمعيات ماسونية منتشرة بين الناس برمــــــــــوزها وطقوســـــــــها (ومصائبها ) ظاهرها السخافة والدعاية ، وباطنها الخبث والتهويد والتكفير وإخراج المرء من ثيابه: جمعية الحمير ، وأندية ملكات الجمال، والبنائين، والذواقـــــــــة، واللبؤات، والتمبست.. و .. و .. ؟‍
– وهل تعلم أن هناك من يتجهون الآن – وفي أيام الاعتدال الربيعي والصيفي- لإقامة الصلوات لآمون، وآتون، وهبابون، والكوبرا الفرعونية يتقربون بذلك إلى الشيطان زلفى؟‍‍‍!
– وهل تعلم أن هناك دعوة بين عوام المسلمين للاعتقاد -ولو في الحجارة- (لو اعتقد أحدكم في حجر لنفعه) ، وأن هناك من يحمل “زلطة” أو يعتقد في بركات (جوز جزمة) أو يدفع البلاء بقطعة بلاستيك ، أو يستجلب النصر في الدورات الريائية بتعويذة ؟!
– هل سمعت عن الآبار ماني المقدسة (آبار الأماني) في بلاد يعرب، وفي بلاد (يغرب) على السواء، حيث يقف البلهاء مغمضي الأعين، يعطون ظهورهم للماء، ويتمنون الأماني، ثم يلقون الفلوس في الماء، منتظرين تحقق ما تمنوه؟ وعلمي أنهم لا يزالون ينتظرون تحقق أمانيهم حتى الآن؟
– هل سمعت عن جمعيات تحضير الأرواح ، والتنويم “المغماطيسي” والقائلين بالتناسخ، والذين يحاولون إلباس هذه الجمعيات ثياباً علمية، ويسعون لإدخاله الجامعات ومجالات الدراسات النفسية؟
– وهل تعرف أن من المنتسبين إليها أساتذة جامعات، وشعراء كباراً وشخصيات عامة تؤمن أنها تستطيع أن تكلم روح خوفو، أو أنها حين تموت ستعود في هيئة النعجــــــة دوللي، أو الكلبة سالي؟ هل .. وهل
.. وهل؟!

– هل تعتقد بعد هذا السرد الصاروخي أن جنابك تحتاج إلى أن تراجع بعض الأقوال والأفعال والمعتقدات التي تسيطر عليك، تطهيراً للقلب، وإرضاءً للرب، وإحساناً للخاتمة، وهروباً من السقوط العقدي، والخلود في النار؟
في هذه الزاوية عزيزي ستكون لنا وقفات ميدانية مع العقائد السائدة، والسلوكيات الخرافية المتفشية في الشرق والغرب، والتي لا نتوقف أمامها عادة.. مفكرين، ولا ننتبه إلى أنها تضرب عقيدة التوحيد في الصميم.

وأذكرّك عزيزي أن ربنا تبارك وتعالى كتب على نفسه الرحمة، وأنه يغفر الذنوب جميعًا إلا الشرك، فويلٌ لمن بات معتقداً في بَرَكَةِ سحلية، أو كرامات معزة، أو نفحات جثة متعفنة، أو فيوضات حميد الأزري وغيره من الدجاجلة النصابين.

وويل لمن أتى عرافاً، أو تعلق تميمة، أو آمن بالسحر والنجوم.

قل معي لا إله إلا الله، وعش معنا في هذه الزاوية لنتجول في أرجاء عالم الخرافة، ونعرف كيف تنتشر في المجتمعات المتقدمة قبل المتأخرة. كيــــــــــف نواجهها؟ كيف نصحح توحيدنا؟ كيف نطهر مجتمعاتنا من هذه الأباطيل والسخافات، بديننا الذي يحترم العقل والمنطق وسلامة الاعتقاد؟

الكاتب: عبد السلام البسيوني

الأرشيف

اليوجا وأخواتها.. رياضات أم عبادات فلسفية؟
وقـفـات إيـمانـية مع الدكتور عـوض القـرني
القائمة