من أنواع الوافدات الفكرية الباطنية أنواع من ما يسمى كذباً “تحليل الشخصية”.
ففي استخدام مصطلح “تحليل الشخصية” تلبيس يلبس به المبطلون على الناس إذ يظن طلاب هذه التحليلات أنها أداة علمية صحيحة لذا أود التنويه بأن ما ينشر تحت هذا المصطلح ويتداول بين الناس أنواع من:
أولاً: تحليل الشخصية الباطل:
وهو التحليل المدعى بحسب خصائص سرية كشخصيتك من خلال لونك المفضل أو حيوانك المفضل أو حروف اسمك وهذه في حقيقتها كهانة وعرافة بثوب جديد لا تختلف عن القول بأن من ولد في نجم كذا فهو كذا وحظه كذا.
فهذه النماذج للتحليل تقوم على روابط فلسفية وأسرار مدعاة مأخوذة من الكتب الدينية للوثنيات الشرقية وتنبؤات الكهان ودعاواهم كخصائص الحروف ومن ثم يكون من يبدأ اسمه بحرف كذا شخصيته كذا، أو من يحب اللون كذا فهو كذا ، ومن يحب الحيوان كذا فهو ميال إلى كذا ، وغير ذلك مما قد يظن من يسمعه لأول وهلة بوجود أسس منطقية يبنى عليها مثل هذه الأنواع من التحليل وحقيقة الأمر عقائد فلسفية يؤمن معتقديها بما وراء هذه الأشياء (الألوان ، الحيوانات ، الحروف ، النجوم…) من رموز! وأقلها ضررا ما تبنى على مجرد القول بالظن الذي نهينا عنه لأنه يصرف عن الحق الذي تدل عليه العقول السليمة والمتوافق مع هدى النقل الصحيح.
وكذا تحليل الشخصية من خلال الخط أو التوقيع يلحق بهذا النوع الباطل من وجه الكهانة والعرافة إذا تضمن إدعاء معرفة أمور يتعلق بأحداث الماضي أو المستقبل أو مكنونات الصدر دون قرينة صحيحة صريحة إذ لا اعتبار للخصائص السرية المدعاة للانحناءات أو الاستقامة أوالميل أو التشابك للحروف والخطوط ولا تعتبر بحال قرائن صحيحة في ميزان العقل السليم، فهذه النماذج ماهي إلا كهانة وإن اتخذت من تحليل الشخصية ستارًا لها. قال الدكتور ابراهيم الحمد معلقًا على الاعتقاد بتأثير تاريخ الميلاد أو الاسم أو الحرف: (كل ذلك شرك في الربوبية ؛ لأنه ادعاء لعلم الغيب).
ثانياً: تحليل الشخصية أو بعض سماتها العلمي الصحيح:
وهو الذي يقوم به المختصون النفسانيون ويعتمد على المقاييس العلمية وطرق الاختبار الاستقرائية الرامية للكشف عن سمات أو ميول إيجابية في الشخصية خلال مقابلة الشخص أو ملاحظة بعض فعاله أو تصريحاته أو سلوكه ومشاعره في المواقف المختلفة بحيث تشكل نتائج هذه الملاحظة دلالات تدل على خفايا شخصية الإنسان يمكن إخباره بها ودلالته على طريق تعديلها وتنميتها.
فهذه النماذج تختلف عن ذلك الهراء والظن المحض أو الرجم والكذب وتعتمد على معطيات حقيقية وأسس سلوكية يستشف من خلالها بعض الأمور، وتتضمن الدلالة على طريقة تعديل السيء منها وتعزيز الجيد ومن ثم تغيير الشخصية للأفضل أو تزكية النفس ولاتقف عند حد وصف الشخصية بوصف.
ثالثاً: نماذج التحليل التي هي من قبيل الجهل والتعميم غير الصحيح:
مثل شخصيتك من طريقة نومك أو من طريقة مشيتك أو طريقة استخدامك للمعجون! أو …أو ….
ومثلها شخصيتك من طريقة من حركات عينك ونظراتك إذا كانت للأعلى فأنت كذا وإذا كانت ….
ومثلها شخصيتك من خلال جسدك فإذا كنت واسع اعينين فأنت كذا… وإذا كنت حاد الأنف فأنت كذا وإذا كنت بارز الجبين… ونحو ذلك..
فهذه النماذج اعتمادها جهل محض وإذا تبعها حديث عن الماضي والحاضر ومكنونات النفس دخلت في الكهانة والرجم بالغيب…
وخلاصة الأمر:
أن في العلم الصحيح ما يغنينا عن الباطل والجهل ففي الثابت المنقول مايدلنا على سمات مهمة نكتشف بها أنفسنا ومن نتعامل معهم كقول النبي ﷺ: (آية المنافق ثلاث…)، وفي الثابت المعقول كثير من الدلالات الصحيحة مثل القول بأن خوف الشخص من دخول مكان واسع مزدحم يدل على خجل وبوادر انطواء في شخصيته ويحتاج صاحبه لتذكير بمعاني وتدريب على سلوكيات ليتخطى هذا الحاجز ويزكي شخصيته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ