اختبارات أنماط الشخصية عبارة عن معايير اجتهادية ظنية غالبها غير محكم،
ولا تنفصل عن رؤى وقناعات من وضعها.
وهي -وإن سلمت- في الجملة من الخرافات والعقائد الفاسدة الظاهرة،
إلا أن غالب نتائجها خادع للنفس، -في رأيي- ومضلل، أو هو تحصيل حاصل. يشبه في بعض جوانبه بعض تخمينات الأبراج -المُبيّتة مسبقا- التي يشترك فيها عامة البشر كقولهم: سيأتيك خبر سعيد، أو ستسمع ما لا يسرك خلال هذا الأسبوع.، والأحداث لا تخرج عن أن تكون سارة أو محزنة ، والمرء معرض لكليهما، فإذا وقع شيء منهما، قالوا صدقت التوقعات! والذي يجعلني أقول ذلك عن نتائج اختبارات أنماط الشخصية، مع أنها اسئلة واقعية ومنطقية إلى حد كبير، عدة أمور:
أولاً/ أن الخيارات في الأسئلة الموجهه؛ ملزمة وحدية، وهذا لا وجود له في طبيعة البشر، أي أنه يسألك السؤال ويعطيك خيارين ملزمين (شيء وضده) ، لا ثالث لهما! وقد لا تكون الإجابة في واحد منهما أصلا ، فإذا فسدت المعطيات اختلت النتائج.
ثانياً/ حينما نستعرض الشخصيات نجد تداخل وتكرار كبير مع تغيير للأسلوب في بعضها، كما أنها نتائج محصورة ومسبقة الإعداد ، أي أنها لا تخضع لحال الشخص وإنما تلزمه أن يندرج تحت خيارات محددة مسبقاً.
ثالثاً/ أن هناك أمور لا علاقة لها بالشخصية ، وإنما تعلقها بالظروف المتغيرة، التي تتحد فيها ردة الفعل العامة، ولكن بدرجات متفاوتة لا يقيسها سؤال الاختبار.
مثال ذلك: من من البشر -بتعدد شخصياتهم ومشاربهم- يسلم من التوتر والاضطراب، حين وجود ضغوطات وتهديد ومخاوف؟ ولكن بدرجات متفاوتة، تؤثر فيها عدة عوامل ، كطبيعة الموقف ودرجة المخاوف، وثقة الإنسان بربه وقوة إيمانه ، وخلفيته ومخالطته للشدائد ونحو ذلك.
قال تعالى عن طبيعة البشر كافة [إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً إلا المصلين], فعمم الطبيعة واستثنى العمل، ولذلك قد تختلف شخصية المرء نفسه ، في نفس النقطة قوة وضعفاً بتقدم السنين وكثرة التجارب ومعيار التدين ونحوها .. وهكذا كثير مثلها.
ولذلك فثمرتها وصدقها أظنه ضعيف على النطاق الشخصي على الأقل، خصوصاً أنها بلا موجه مباشر، فليست كالطبيب النفسي -مثلاً- أو المستشار الصادق الذي يحل المشكلة من عدة جلسات ويتلمس الثغرات، ولا أعلمَ بعيوب المرء من نفسه،
رابعاً/ توسيع دائرة تطبيق الاختبار ليشمل مناحي متعددة من الحياة ، أو ليكون معياراً عاماً للشخصية ، وهو لم يوضع الا لغرض محصور في تقريب الميول المهني أو الوظيفي.
وتوسيع الدائرة يعد تنميطاً وقولبة وصبغة، لم يرد بها نص معصوم، وبالتالي فقد يكون ضرره أكثر من نفعه،، والشخصية المتزنة الناجحة حقاً، هي التي تعرض نفسها على كلام الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم، وأمرهما ونهيهما وتنظر قربها وبعدها منه ،وتصبغ طباعها بصبغتها [صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون].*
وتصنيف الشخصيات ولد من رحم مجتمعات ضاعت بوصلتها، فهي تجتهد وتحاول إيجاد طريق لضبط الشخصية،
أما المسلم فقط ضبط بوحي من السماء نجاحه وفلاحه فيه فأي فائدة من إضاعة الوقت في الأدنى وترك الأولى، الذي فيه تهذيب للنفس والشخصية والمآل؟
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وأورثنا الثقة بوحيك والعمل به.
وكتبته: هناء النفجان ١/ رجب /١٤٤٢ هـ