هذه شهادتي ..

المشاهدات : 1,520

 

إن مجال التدريب والتطوير الذي دخلت تحت مظلته كثير من الوافدات الفكرية العقدية يشكل جزءاً من مهنتي في التدريس الجامعي، ووظيفتي التربوية في بيتي وفي مؤسسات التعليم في بلادي لذا لفت انتباهي كثرة البرامج المتمحورة حول الذات ،تعلي من شأنها ، وتوجّه للاهتمام المبالغ فيه بدلالها ورفاهيتها ، وتعظّم الثقة فيها ، فخصصت لذلك جزءا من وقتي أبحث وأنقب وأقرأ وأستقصي،فجلّى البحث العلمي لي حقيقة هذه الوافدات كشمس النهار ، عندها حاولت أن أبرز الخطر، وأبين الحق لأمتي فهي شهادة يأثم قلبي بكتمانها ولكن الأمر كان عسيراً جداً، لتعلقه بفتنة قد أُشربتها قلوب، وتجارة دنيوية غيّرت بأرباحها مجرى حياة كثير من الناس الذين انخرطوا في التدريب على برامجها الوافدة، وقد ساقت لكثيرين منافع متنوعة ، وبهرت بخداعها وزيفها وأوهامها جماهير، وكان أهل العلم والفضل مشغولون عن هذه الوافدات (البرمجة اللغوية العصبية وأخواتها) بسد ثغرات أخرى كثيرة، ما تسد واحدة إلا وتفتح أخرى، كما أن العلم بأن بعض طلبة العلم قد توجهوا إلى هذه البرامج ، والظن فيهم أنهم من أهل الصلاح والرأي الذين سيكتشفون خللها إن وُجد ويقفون في وجه الباطل إذا كان متسللا من خلالها. ولكن الحقيقة التي يجب أن لا تُنسى أن ضعف مناهج التعليم أحيانا أو المعلمين، وضعف همم بعض طلبة العلم جعل البناء العلمي  ضعيفا وأصبحت معرفة جماهير من المسلمين -ومنهم طلبة علم شرعي- بالشر سطحية ، مما سهّل انخداع كثير منهم بباطل تسرّب يلبس لباس النفع، بل وأُلبس  لباس الدين على يد بعض المؤسلمين -هداهم الله – ممن اشتبهت عليهم ظواهر هذه البرامج وغفلوا عن حقيقتها ومراميها .

وعندما تطلّب الأمر أن يكون صوت التحذير قوياً هادراً ليصل إلى مسامع القوم على الرغم من علو صوت الباطل رأيت أن أستعين بأهل العلم الشرعي ممن ترتضي الأمة علمهم، ويشهد لهم بالخير والصلاح وبينت لهم بنتائج البحث العلمي حقيقة البرمجة اللغوية العصية وأخواتها من “الطاقة” و”الماكروبيوتيك” والريكي” و”التأمل التجاوزي”، فاهتم كثير منهم بالأمر وعكف على دراسته، ومنهم من تفرغ ليحضر بعض دوراته أو يستمع محاضراته، أو تتبع مذكرات مدربيه. وهكذا علا صوت التحذير وضمن كثير من أهل العلم خطبهم ومحاضراتهم التحذير من تيار هذه الوافدات الفكرية .

كذلك عرضت دراساتي وأبحاثي علىبعض من علماء التخصص في علم لنفس والتغذية والفيزياء فبينوا بدورهم زيف هذه العلوم المدعاة من الناحية العلمية التجريبية ومن ذلك ما أفاد به كل من الدكتور يوسف عبدالغني استشاري الطب النفسي ورئيس الطب النفسي بوزارة الصحة السعودية، والدكتور طارق الحبيب الاستشاري النفسي بجامعة الملك سعود والمستشفيات الجامعية بأن البرمجة اللغوية العصبية لا تقوم على أي أسس علمية وأن انتشارها في دول الخليج أثار فوضى عارمة وناشدوا المسؤولين بضرورة إيقافها.

وقد أبرزت  مجلة الغذاء في العدد 60 الصادر في ربيع الآخر 1424 هـ نتائج دراسة علمية عن” الماكروبيوتيك” وخطره المتحقق على الصحة وأثبتت زيف دعاوى الاستشفاء به ، وقال الدكتور خالد المديني استشاري التغذية: “الماكروبيوتيك أساسه المنطقي والنظري غير مبني على أصل علمي أو طبي، ولا توجد أي دراسات أمان أو فاعلية منشورة في مجلات علمية محكّمة، وقد رُوّج له بطريقة مضللة من أناس غير مؤهلين ولا متخصصين في علوم الغذاء والتغذية”.

وكم أسعدني خطاب إلكتروني تلقيته من مدير المجمع الفقهي في الهند فضيلة الشيخ :خالد سيف الله الرحماني  معقباً على مقالة “تطبيقات الاستشفاء والرياضة الوافدة من الشرق وخطورتها على معتقدات الأمة” التي نشرت في مجلة المجتمع في العدد 1550 تضمن خطابه شكر على التنبه لهذه الوافدات ذات الأصول الدينية الوثنية وتأكيد على ضرورة التحذير منها لخطورتها على العقيدة الإسلامية ، فالمسلمون في الهند لمخالطتهم للهندوس والبوذ يعرفون حقيقة هذا الباطل (يوغا ،آيروفيدا، تأمل ، تنفس ، تانترا …) ولذلك يحذرون هذا الممارسات ولا يتشبهون بالكفار بممارستها، بينما افتتن بها فئام من المسلمين عندما قُدمت لهم على أنها وصفات للسعادة والراحة والتطوير !

هذه تجربتي ، وهذه شهادتي أكتبها ليتعاون معي من يقرأها لنقوم بدورنا فنسد ما نستطيع من ثقوب السفينة التي نركبها ، فقد يكون علماؤنا ، وكثير من إخواننا  مشغولون بمواجهة القراصنة أعلاها وبتوجيه دفتها وأشرعتها لضمان عدم انحرافها مع الأمواج العاتية والرياح القوية فكل منا على ثغر .  ولنقف في وجه إخواننا ممن فتنتهم دورات البرمجة والطاقة والماكروبيوتيك وسائر تطبيقات الفكر العقدي الوافد ، ولنأخذ على أيديهم لتنجو السفينة فهذا حقهم علينا ومن تمام نصحنا لهم وسيعلمون نبأه بعد حين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتبته: د. فوز كردي.

الأرشيف

“حتى تكونوا كالشامة في الناس”
ثق بربك لا بنفسك
القائمة