-
السؤال:
انتشر بين الناس مايسمى يزعم بالعلاج بعلم البايولوجى الذي رائه في العالم العربي د. إبراهيم كريم من مصر، وقد أضاف إليه علاجات ذات صبغة إسلامية منها العلاج بطاقة الشفاء في الأسماء الحسنى. وملخص هذا العلاج: أن أسماء الله الحسنى لها “طاقة” شفائية لعدد ضخم من الامراض اكتشفها إبراهيم كريم فقال: إن لكل اسم من أسماء الله الحسنى “طاقة” تحفز جهاز المناعة للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين بجسم الإنسان، فمجرد (ذكر) الاسم الخاص من أسماء الله الحسنى على العضو المحدد عدد محدد من المرات يحدث تحسن في مسارات الطاقة الحيوية داخل جسم الإنسان. وتوزع ورقة تبين اسم كل مرض والاسم الشافي له وعدد المرات المطلوبة. ما رأيكم بهذا العلاج ؟
-
الجواب:
العلاج بالطاقة الحيوية أو الطاقة الكونية أمر بات اليوم يتداخل مع كثير من أنواع العلاجات البديلة، حيث يحاول أصحابه ومروجوه إقحام فلسفته حتى في العلاج بالرقى والقرآن، وهو في الحقيقة ينشر فلسفة لا تمت بصلة لا للعلم ولا للدين، وما يسمى “البايوجوماتري” هو النسخة المطورة بما يتناسب مع ظاهر الثقافة الإسلامية للـ”فينغ شوي” الصيني أو الـ”ستابهاتا” الهندية المبنية على فلسفات الديانات الشرقية وتصوراتها الوثنية.
ومن هنا يفهم موضوع (العلاج بطاقة الأسماء الحسنى) فلفظة “طاقة” المستخدمة هي لفظة الطاقة الفلسفية، واستخدام الأسماء الحسنى صوريّ للتوافق مع الثقافة الإسلامي، وإلا فالمقصود طاقة الحروف والأشكال على تفاصيل تلك الفلسفة.
وأصل القراء بفتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في السعودية في إجابتها على هذا السؤال، بعد دراسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء للإستفتاء أجابت بما يلي:
قال الله تعالى : «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، وقال النبي ﷺ: «إن لله تسعة و تسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة». ومنها اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى، فأسماء الله -جل و علا- لا يعلم عددها إلا هو سبحانه وتعالى، وكُلها حُسنى، ويجب إثباتها وإثبات ما تدل عليه من كمال الله وجلاله وعظمته، ويحرم الإلحاد فيها بنفيها أو نفي شيء منها عن الله أو نفي ما تدل عليه من الكمال أو نفي ما تتضمنه من صفات الله العظيمة. ومن الإلحاد في أسماء الله ما زعمه المدعي “كريم سيد” وتلميذه وابنه في ورقة يوزعونها على الناس من أنّ أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية لعدد ضخم من الامراض، وأنه بواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس الطاقة داخل جسم الإنسان اكتشف ان لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناعة للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين في جسم الإنسان، وأن الدكتور “إبراهيم كريم” استطاع بواسطة تطبيق قانون الرنين أن يكتشف ان مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى تحسين في مسارات الطاقة الحيوية في جسم الإنسان. وقال: والمعروف أن الفراعنة أول من درس ووضع قياسات لمسارات الطاقة الحيوية بجسم الإنسان بواسطة البندول الفرعوني. ثم ذكر جملة من أسماء الله الحسنى في جدول وزعم أن لكل اسم منها فائدة للجسم أو علاج لنوع من أمراض الجسم، ووضح ذلك برسم لجسم الإنسان ووضع على كل عضو منها اسمًا من أسماء الله. وهذا العمل بـاطـل، لأنه من الإلحاد في أسماء الله وفيه امتهـــــــــان لها. لأن المشروع في أسماء الله دعاؤه بها كما قال تعالى: «فادعوه بها» وكذلك إثبات ما تتضمنه من الصفات العظيمة لله… لأن كل اسم منها يتضمن صفة لله -جل جلاله-، لا يجوز أن تُستعمل في شيء من الأشياء غير الدعــاء بها، إلا بدليل من الشرع.
ومن يزعم بأنها تُفيد كـذا و كـذا أو تُعالج كـذا و كـذا بدون دليل من الشرع فإنه قول على الله بلا علم، وقد قال تعالى: «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون». فالواجب إتلاف هـــــذه الورقة، والواجب على المذكورين و غيرهم التوبة إلى الله من هذا العمل وعــــــدم العـــودة إلى شيء منه مما يتعلق بالعقيدة والأحكام الشرعية. و بالله التوفيق..
كما أصلكم بإيضاح جميل يبين حقيقة هذه البدعة منقول من المنتديات ولم ينسب لقائله:
بسم الله الرحمن الرحيم
المؤمن وقافٌ عند حدود الله -عز وجل-، وعند سنة رسوله ﷺ، وهذا هو طريق فهم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، أن يكون ذلك على فهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وقد قال الله تعالى «فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى»، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل به أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة -ثم تلا هذه الآية الكريمة-».
ولا ريب أن الاستشفاء بالرقية المشروعة هو أمرٌ ثابتٌ عن النبي ﷺ من وجوهٍ كثيرة مستفيضة تبلغ إلى حد التواتر، بل إن هذا يشير إليه قول الله -جل وعلا-: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» فقوله: “شفاء” يتناول شفاء النفوس، وكذلك شفاء الأبدان، وبعبارة أخرى الأمراض النفسية والأمراض العضوية سواء بسواء، وأيضاً فإن النبي ﷺ كان يعود المرضى ويرقيهم ﷺ، يمسح بيمينه الشريفة الكريمة ﷺ، ويقول: «اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً» عدا الرقى الكثيرة الثابتة عنه ﷺ.
إذا عُلم هذا فإن أفضل الرقى ما ثبتت عن النبي ﷺ والتي ذكر منها ﷺ ما فيه الغنى والكفاية، ومع هذا فإن الاجتهاد في الرقية بنوع من الأدعية التي يختارها الإنسان بحيث تكون بالدعاء المباح بذكر الله -عز وجل-، سواءٌ كان ذلك بأسماء الله الحسنى، أو كان ذلك بشيء من الآيات الكريمة، أو كان ذلك ببعض الأدعية الصالحة المشروعة، فكل هذا واسعٌ لا حرج فيه، فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه سُئل فقيل له : «إنا كنا نرقي في الجاهلية، يا رسول الله كيف ترى ذلك؟ فقال: أعرضوا علي رقاكم ..لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً» والحديث صحيح ثابت عن النبي ﷺ. فسأل الصحابة رسول الله ﷺ عن الرقى التي كانوا يرقونها في الجاهلية فإنهم كانوا يجتهدون في رقىً يسترقون بها للاستشفاء من الأمراض أو لدفع الحسد أو السحر أو غير ذلك من الأمور، فقال لهم ﷺ: «اعرضوا علي رقاكم» أي بينوها لي فإن كانت خالية من الشرك فلا حرج فيها، ولذلك ختم كلامه الكريم بقوله : «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً» فدل ذلك على جواز الاجتهاد في أمر الرقى وأنها لا يتوقف فيها على الأدعية الثابتة عن النبي ﷺ، وإن كان الأولى والأكمل هو الاستشفاء بما ورد عنه ﷺ، فإنه ﷺ قد بين كل ما فيه الغنى للمؤمن في أصل دينه ودنياه، ومع هذا فإن العلاج بطاقة الأسماء الحسنى طريقةٌ تحتاج إلى إثباتٍ من جهتين:
من جهة الشرعية ومن جهة العضوية، فكلمة أن لأسماء الله الحسنى “طاقة شفاء” هي عبارةٌ تجري على أساس أن الأصل في الشفاء هو الطاقة، وهذا قد يكون راجعاً إلى علم الطاقة الكونية الذي يذكر أصحابه أن كل ما في هذا الكون من أسباب الحياة، فهو مرجعه إلى الطاقة، وهذا التعبير ليس هو بالتعبير الشرعي الوارد في كتاب الله ولا في سنة رسوله ﷺ، بل الصواب أن يُقال: إن لهذه الرقية مثلاً تأثيراً بإذن الله -عز وجل- أو نفعاً أو نحو ذلك، وأما أن يقال طاقة فهذا أمرٌ يحتمل احتمالاً ظاهراً أن يكون مرده إلى المعنى الذي أشرنا إليه، وقد بينا في جوابٍ مستقل الكلام على أمر الطاقة العصبية أو بما يسمى بالبرمجة العصبية فيمكنكم مراجعته وهو برقم (261697)، وكذلك ما يسمى ببعض القوانين التي قد يضعها بعض الناس موافقةً لهذا المعنى كقانون الجذب المعروف بالبرمجة العصبية، فانظري الكلام عليه وحقيقته في الاستشارة رقم (110838).
إذا عُلم هذا فإن الرقية التي يجوز، إنما هي ما كانت بذكر الله عز وجل، سواءٌ كان ذلك من أسمائه الحسنى جل وعلى أو بآياته الكريمة، أو بالأدعية الجائزة المشروعة، فكل ذلك واسع، وأما التحديد الذي أشار إليه بأن يردد الاسم مثلاً نحو مائتين وأحد عشر مرة أو مائتين واثنين أو مائتين وسبع وثمانين وغير ذلك من التحديد، فبعض أهل العلم يرى أنه لا مانع من التحديد في عدد الرقى التي يسترقي بها الإنسان، على أن هذا المعنى الخير في تركه بحيث تستخدم الرقية بطريقة الدعاء المعلوم كأن يكون مرة أو ثلاث مرات، لأنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دعا كرر الدعاء، وكان يكرر تارةً ثلاث مرة، وتارةً كان يكرر سبع مرات، فهذا الأمر فيه واسع، فترك التكرير على هذا النحو خيرٌ وأولى، على أنه أيضاً لا بد من ملاحظة أمر مهمٍ غاية الأهمية، ينبغي أن تلتفتي إليه، وهو أن تكرار الاسم فقط كأن تقولي : الله الله الله الله، أو النور النور النور النور، أو السميع السميع أو العليم العليم، فمثل هذا ليس بذكر مشروع، ولا يُشرع الرقية به على هذا النحو ؛ لأنه لا ينتظم منه جملة لها معنى، فالاسم المفرد لوحده لا يشرع الذكر به، فلا يكرر أي اسم من أسماء الله جل وعلا على أنه ذكر، وليس هذا من الذكر عند أهل العلم بسنة النبي ﷺ، والمنقول من كلام المعصوم ﷺ وكلام صحبه الكرام هو ذكر الله جل وعلا بعبارةٍ مفيدة كأن يقول المؤمن: سبحان الله والحمد لله، ونحو ذلك من الأذكار، وأما أن يفرد اسمٌ من أسماء الله الحسنى بصورة التكرار فهذا أمرٌ لا يشرع الذكر به لا تسبيحاً ولا تهليلاً ولا استشفاءً ورقية؛ لأن الرقية من الأدعية التي لا بد أن ينتظم منها كلامٌ له معنى، وأما ذكر الاسم مفرداً فهذا لا ينتظم منه جملةٌ مفيدة في أصل اللسان العربي وفيما دل عليه الشرع الكريم، فاعرفي هذا واحرصي عليه، فلو قدر أن الإنسان أراد أن يرقي نفسه كأن يقول: بسم السميع العليم ونحو ذلك، فهذا لا حرج فيه، وأما أن يقال: “السميع السميع…”وأن يكرر مائتين وإحدى عشرة مرة مثلاً فهذا لا يُشرع لأنه لا ينتظم منه جملة يثنى بها على الله -جلا وعلا-، وإنما المقصود هو ذكر الله -جل وعلا- والاستشفاء ببركة ذكره جل جلاله.
وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: «كان النبي ﷺ يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك» خرجه أبو داود في السنن، وإسناده قوي.