رقم | ط / ١٥٣
تاريخ | ٢٢ / ٤ / ١٤٤٤ هـ
• السؤال:
أختي من المتأثرات بالعلوم الشرقية كالطاقة ونحوها…،
وقد كان ردها على ما قرأته من أجوبتكم التالي: “نعم أتفق هي علوم شرقية قد تكون فيها بعض العقائد المنحرفة وقد تستخدم من أشخاص في أغراض سيئة.. ولكن علم الطاقة وما يحويه من ممارسات هي قائمة على تجارب إنسانية ونحن لا نحرم التجارب الإنسانية لأنها غير إسلامية بل نرحب بأي تجربة، والحمد لله عندنا الميزان الذي يزن الأمور ونأخذ المفيد منها ونترك غير ذلك ..ووجد لها أثر طيب عند استخدامها بنية طيبة وبنية التشافي للوصول لأفضل نسخة ممكنة من ذواتنا.. الكون مسخر لنا وهذه العلوم فيها مفهوم التسخير واضح.. مثل فعالية الأحجار الكريمة وطاقة القمر والمجرات وفوائد الملح وهكذا.. المهم والقصد صلاح الإنسان وسعادته…
(والذين حرَّموا الطاقة) حرموا عقولهم التفكر والتعرف على تجارب إنسانية مختلفة ننا.. الحكمة ضالة المؤمن، فكرة التحريم هذه أشعر أنه جدار سميك ثقيل فولاذي أمام العقل والروح للانطلاق والمعرفة والتأمل والتفكر.. قل سيروا في الأرض…”.
فما قولكم على هذا الرد؟
• الإجابة:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا الكلام غير صحيح وهو نفس ما يتذرَّع به المتأثرون بالوافدات الروحانية؛ من زعم نفع الطاقة وما شابهها، وعدم الضير في استخدامها مع سلامة القصد وثبوت النفع، مع الاستدلال على ذلك كله بالواقع وبكلام الله تعالى!
ويكفي في هذا الكلام بعض المصطلحات التي هي من صميم فلسفاتهم الخرافية، وهي:
• فلسفة الطاقة الوثنية: وهي خرافة وزيف لا حقيقة لها، ولا يمكن إثباتها علميًا، فكيف يُقاس حكمها بحسب استخدامها أو بحسب نية مستخدمها؟
ومما ينبغي أن يعلم أن أمور العقيدة والدين التي جُعلت فيها مخالفة المشركين أصلاً من أصول الاعتقاد لا يُنظر فيها إلى نية فاعلها أو قصده؛ فيُعتبر متشبهًا بالكفار بمجرد الفعل وإن لم يقصد، فكيف والأمر في هذه الفلسفة الوثنية الوضعية؟!
ثم إن كل التجارب التي نُسبت إلى الطاقة -بلا استثناء- تجارب شخصية وليست تجارب علمية مثبتة، ولو كان الأمر يؤخذ من تجارب الأشخاص كائنين ما كانوا فما فائدة الوحي الذي جعله الله تعالى نورًا وهدى للناس وهو المعصوم وحده؟
• نسخة للذات: (أي تعدد النسخ البشرية والمقصود بها -مجازًا- صفات الإنسان ومراحل حياته، والمواقف التي مرَّ بها…) وهذا المفهوم خطير جدًا؛ لأنه مأخوذ من اعتقاد وثني قديم عند الصوفية، ومعناه وجود ما يسمى بالإنسان الكامل الأول في الوجود والنشأة، ووجود نسخ متكررة من هذا الإنسان، وكل إنسان على قابلية واستعداد للتطور وبلوغ النسخة الكلية التي يدرك فيها الواصل الحقيقة: وهي أن الوجود واحد وما ثَمَّ خالق ومخلوق -عياذًا بالله-، وقد قفزت على هذا المعنى الروحانية الحديثة بما يسمونه “الأنا الزائفة” التي تشكِّل عائقًا للإنسان عن تطوره ويسعون للتخلص منه للوصول لـ “الأنا العليا” التي هي حقيقة ذات الإنسان.
وهذا القول ظاهر الفساد والبطلان؛ لأنه لا يميز بين خالق ومخلوق، وهو عين الإلحاد بما يسمى بعقيدة وحدة الوجود، التي تهدم أصلاً من أصول الإيمان وهو الإيمان بالله تعالى.
• مفهوم التسخير: وهذا مما تروّج له سمية الناصر بما ليس من معناه الصحيح بل بما يخدم فكرتها حول اعتقادها في الكون، مثل قولها: “الكون يتحدث إليك، الكون يصغي إليك…”، وأن له رسائل خاصة لكل شخص وأنه تجب متابعتها بدقة وعدم إهمالها؛ لأنها لا يمكن أن تعود، وفي معرفة هذه الرسائل فائدة عظيمة للإنسان من حيث تغيير حياته نحو الأفضل وتحسين علاقاته، وأن إهمالها يجلب له العكس من ذلك، وفي نظري أن هذا المعنى داخل ضمن خرافة قانون الجذب.
كما يلحظ الخلط والتلبيس في الرد المرسَل كيف جعلت من أمثلة تسخير الله تعالى ما في الكون: فعالية الأحجار الكريمة! وطاقة القمر والمجرات! وفوائد الملح؟! كيف جمعت بين حقيقة وخرافة؟ وبين فوائد محسوسة مجربة وبين تجارب شخصية وهمية؟!
• تابع قراءة إجابة السؤال في موقع البيضاء: اضغط هنا
المجيب: د. جوزاء بنت مساعد السعدون
أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء:
https://t.me/ask_albaydha