تعليق | تحريك العقائد | دهيفاء بنت ناصر الرشيد

المشاهدات : 647

اطلعتُ على تغريدة لإحدى «مدربات الوعي» نقَلَتْ فيها عبارات حول عودة أرواح الأموات للدنيا.. وصدّرتها بقولها: «ما رأيكم؟»

فاستثارت نقاش المتابعين ما بين مؤيدِ ومعارض ومتوقف ومتشكك، وسائقٍ لدليل أو مستعرضٍ لشبهة، رغم أن التي ابتدأت النقاش لم تذكر رأيها في المسألة – ولم تصوّب أو تُخطّئ إجابات متابعيها. 

وأنا – هنا – لستُ بصدد مناقشة عقيدة “تناسخ الأرواح” وبيان بطلانها عقلاً وشرعًا، فقد بُسط الكلام فيها في غير هذا الموضع. ولكني أردتُ التعليق على هذا النموذج الذي ليس منفردًا في فضاء الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي، والذي تُطرح فيه المسلمّات الدينية والثوابت العقدية للمداولة والنقاش! 

فهذا أسلوب يكثر استخدامه عندما يريد أحدهم تقديم “فكرة” جديدة في منظومته الفلسفية، يعلم أنها مناقضة لما استقر في معتقد المتلقين، فإنه بطرحه الفكرة “للنقاش” لا يظهر تبنيه لها من عدمه، ومن ثم تخف حدة المعارضة والأحكام الموجهة لشخصة، فهو يُخرج نفسه من حلبة الصراع ولكنه يراقبها عن كثب. 

كما أن طرح المسلمات العقدية للنقاش يعطي مساحة آمنة لمن أشرب قلبه الشبهات – فيعرضها دون خوف من العواقب التي تلحقه عادة لو كان يقررها ابتداء خارج إطار “الحوار”.

واستعراض الشبهات في أوساط غير علمية يغيب فيها العالم الكاشف لها يزيدها انتشارًا وتمكنًا بلا شك. 

بل إن هذا الطرح يثير التساؤلات عند من استقامت عقيدته ويفتح بابًا للشك والارتياب وهو ما يسميه السلف “تحريك العقائد” ويجعلونه من طرائق المبتدعة المنحرفين عن جادة الصواب.

ولا شك أن وجود النقاش حول تقبل المخالفة العقدية الصريحة هو مرحلة بينية تتوسط الاعتقاد الراسخ الذي لا يقبل التشكيك، والاعتقاد المنحرف. 

فإنه يتعذر – في الغالب – نقل المتلقي من الرفض إلى القبول مباشرة، بل لا بد أن يمر بمرحلة التردد والتشكيك أولاً، وهي من الطرق المشهورة في الدعوة الباطنية قديمًا تتدرج من التفرس إلى التأنيس إلى التدليس إلى التلبيس قبل أن تنقل المدعو إلى “الخلع” و “والسلخ” ومفارقة الدين بالكلية.  

 والله المستعان.

كتبته: هيفاء بنت ناصر الرشيد

الأرشيف

تعليق | نوايا لتطوير الروح | د.هيفاء بنت ناصر الرشيد
تعليق | الاستغفال الروحاني | د.هيفاء بنت ناصر الرشيد
القائمة