العبث بالقلب النابض

المشاهدات : 1,035

الكاتبة: ثريا بنت إبراهيم السيف.

قبل أكثر من 1400 سنة حذرنا نبينا ﷺ من الشبهات في الدين وبين أن اتقاءها براءة للدين والعرض، فالشبهات في الدين كلها خطيرة لما فيها من حِوامة حول محارم الله المحضة، وهذا التحذير لحفظ المؤمن من اقتحام الحرام ثم عاقبة ذلك المهلكة.
واليوم أتى زمان أشد وأشق، حيث أصبح المتأمل يرى من يتهاون بالعبث بأثمن الحرمات! وأنفسها وأعظمها عند مالكها ﷻ, وهي بمنزلة القلب النابض للدين كله، وأساس صلاحه واستقامته وثباته، ألا وهو إفراد الله بالتوحيد والبراءة من الشرك وأهله، الذي خاف من ضده إمام الحنيفية إبراهيم ﷺ ودعا ربه أن يجنبه وبنيه أن يعبد الأصنام! مع أن إبراهيم ﷺ هو الذي حطم الأصنام بيده ومع ذلك لم يأمن على إيمانه وتوحيده؛ قلبه النابض، واعتصم بسؤال ربه له ولذريته: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام* رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} إبراهيم (35_36)
أقول ذلك ونحن في زمن يعتصر الأسى قلب المؤمن لما يرى من تساهل بعض المسلمين من العبث بالقلب النابض لدنياهم وآخرتهم، إلا وهو إفراد الله بالتوحيد.
فترى من ينتسب للإسلام والمسلمين لكنه ينسب الشفاء والسعادة والتوفيق والنجاح لصنم طاقة “الين واليانغ”, أو صنم “الطاقة السلبية والإيجابية” أو أصنام “العناصر الخمسة” وهي عقيدةٌ طاويةٌ ملحدة لا تعتقد بوجود الله، بل اخترعت للكون مدبرا وخالقاً غير الله ﷻ!
أو يجعل بعضهم صنم “العقل الباطن” مدبرا ومتصرفاً في واقع حياة الإنسان! وما عليك إلا أن تبرمجه فيما تريد أن تكون، ثم هو سيستجيب ويحقق لك ما تريد!
وترى آخرا يعلّم الناس كيف يجذبون ما يريدون في “قانون الجذب”! موهماً لهم بأن للأفكار طاقة! وللكلمة طاقة تنطلق ذبذباتها في الكون وتجذب لك ما تريد!
ناهيك عمن يعتقد أنه يستحق كل نعمة هو فيها أو يريدها! بموجب “قانون الاستحقاق” المخترع! فيكفر بالنعمة، ولا يرى ربه متفضلاً أو منعماً عليه لأنه يستحق كل نعمة هو فيها! فيعامل ربه معاملة الند للند! فيتشبه بقارون الهالك الذي قال الله تعالى عنه: {قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا} القصص (78)
وآخر يشكر الجمادات والكون وكل ما حوله ويمتن حتى للحجر! ثم يعلق هذا الحجر أو يضعه في غرفته وجيبه معتقدا فيه دفع الضر أو جلب النفع! ومن يضع في أركان بيته ركنا للوفرة فينشّطه لجلب المال! وركنا للتنشيط العلاقة الزوجية، وآخراً لصحة الأطفال حسب التعويذات الصينية وطاقة المكان “الفونغ شوي”!

فيا لله العجب!

أي شقاء يبحث عنه هؤلاء باقتحام تهلكة الشرك بالله والعبث بتوحيدهم لربهم وهو أساس صلاح حياتهم وسعادتهم!؟
أي ذُلّ وضياع حين يبتغي العبد الضعيف الغنى وتحقيق الأمنيات من أوهام ومعتقدات وثنية تهوي به فيتحقق عليه وصف الخبير ﷻ: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} الحج (31)
إن الله تعالى عزيز رحيم، يريد من عباده أن يفردوه بالربوبية فهو الخالق المالك المدبر المتصرف، ويفردوه بالعبادة لأنه هو المستحق وحده لها لكي يعزهم بتوحيده ويرفعهم عن الذل بالشرك واتخاذ الأنداد.
لكن أبى بعض الأشقياء إلا الركون إلى اتخاذ الأنداد بالقوانين الفلسفية الباطلة التي تصيب قلوبهم النابضة في مقتل فتموت القلوب حتماً وتبقى الأجساد لا روح فيها تسيرها رياح الشياطين لتقذف بها في الجحيم.

إلى كل من يقرأ هذه الكلمات:

إن النذير العريان أنذركم بفتنة عظيمة ليس وراءها وليس لها عاقبة إلا الخلود في الجحيم قال ذلك خالقنا ومن بيده الآخرة والأولى ﷻ: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وماللظالمين من أنصار} المائدة (72)، وقال تعالى {إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا} النساء (116)
فلا يمكن أن يغفر الله لمشرك عبث بتوحيده حتى قتله، وليس بين الله ﷻ وبين عباده إلا هذا التوحيد فإن هم حققوه غفر الله لهم وإن هم قتلوه هلكوا ولات حين مهلك.

والله تعالى أعلى وأعلم.

وصلى الله على من نصح للأمة وعلم، وعلى آله وصحبه وسلم.

الأرشيف

السلام المنشود
العشق الممنوع
القائمة